2013/08/18

زهير رمضان
زهير رمضان

 

بديع منير صنيج – تشرين

 

 

«سورية بلد النور.. أرض الشمس والسر الإلهي الموجود على الأرض.. ولن نسمح لبعض الظلاميين الذين يعيشون جاهلية ما قبل الإسلام أن يحكموا هذا الوطن.

 سورية منذ بدء الخليقة ساهمت ولا تزال تساهم في بناء الحضارة الإنسانية، فنحن من علَّمْنا الناس الأبجدية، واللون، والثقافة، والرياضيات، ونحن من أسمعَ الناس أول مقطوعة موسيقية، ولن نسمح أن يحكمنا بعض القتلة السوداويين المارقين»، بهذه العبارات يصف الفنان «زهير رمضان» علاقته بما يجري في سورية، وحول كيفية تعاطي الدراما مع الأزمة وكيف قاربتها فنياً وغير ذلك كان حوارنا التالي:

 

برأيك كيف تناولت الدراما الأزمة السورية؟

 

اختلفت وجهات النظر في التعاطي مع الأزمة السورية، فهناك من صور الواقع بكل موضوعية؛ كاشفاً الفاسدين والمتآمرين ضد المواطنين عموماً؛ لاسيما الذين بقوا داخل سورية، وذلك كما في بعض لوحات مسلسل «وطن حاف» التي قاربت الأزمة بشكل موفق ووضعت يدها على الجرح، في حين تحولت لوحات أخرى إلى حالة من الهزلية والسخف، وهناك بعض المسلسلات التي تم إنتاجها وتصويرها خارج سورية؛ بعد أن تم رفضها رقابياً، هذه ليس فيها فقط مغالاة وإنما حقد واضح، وهناك البعض الآخر عرض على الفضائية السورية تحت عنوان تكريم بعض الفنانين العاملين فيها؛ رغم أنها تمتلك مفردات قاسية جداً، وهنا أقول: إنه ينبغي مراعاة مشاعر أُسر مئة ألف شهيد في سورية؛ بدل الاهتمام بتكريم بعض الفنانين عبر عرض مثل هذه الأعمال؛ التي قد تحمل فكراً جميلاً؛ لكنها بالنتيجة تروّج لمفردات ومواقف مستفزة لكثيرين.

المغالاة جاءت أيضاً من الطرف الآخر، ففي الدراما ينبغي البحث عن الموضوعية والمصداقية، ولا يعني ذلك تصوير الواقع كما هو، وتكريس بعض المصطلحات التي لا تنتمي للوطنية بصلة، بل أن تخدم مصالح الناس وتوضح أسباب هذه الأزمة، والأسباب الكامنة وراء المعاناة التي يعيشها السوريون حالياً.

 

 هناك من يرى أن أغلب المقاربات الدرامية للأزمة في سورية كانت سطحية؟

 

  أوافق هذا الرأي تماماً، فالمغالاة لا تفيد؛ سواء كان البعض يغالي في حبه وينفي أن هناك فساداً أو مشكلة قرار أخلاقي قيمي، أو البعض الآخر الذي يقول إن الفساد مستشر وليس هناك نقطة بيضاء واحدة؛ وإننا وسط نفق لا نهاية له، أقول هنا إنه فوق هذا وذاك هناك وطن اسمه سورية لا ينبغي أن نبيعه ولا أن نؤجره.

 

 أي المسلسلات السورية الأكثر شفافية في التعاطي مع الواقع الذي نعيشه؟

 

  هناك مسلسل «الانفجار» أو كما سمي مؤخراً «في قلب اللهب» فهو يعالج الأزمة من وجهة نظر موضوعية؛ وأقرب إلى الحقيقة، حيث تناول بدايةً حالة التفجير الإرهابي الذي طال إحدى وسائط النقل العامة، ثم الانعكاسات الإنسانية لهذا التفجير على عائلات الشهداء، كما إنه صوّر تعامل بعض رجال الأعمال الذين استغلوا الأزمة من أجل تحقيق المزيد من المكاسب، وبيَّن كيف أنه بغياب رأس العائلة -الشخصية التي أجسدها- ينجرف بعض الأبناء باتجاه التهلكة والمخدرات وغيره.

«في قلب اللهب» برأيي هو نظرة موضوعية حقيقية للواقع الذي يجري، وهو يعزز اللحمة الوطنية، ويكشف بمصداقية كل ما يتم في سورية على الأصعدة كلها.

 

 ما المميز في مسلسل «بينك وبين حالك» الذي تشارك فيه من ناحية تناوله لما يحصل في سورية؟

 

«بينك وبين حالك» يتحدث عن الحالة الراهنة، ويصور الحرب الكونية على سورية والأزمة الداخلية، ويرسم صورة واضحة لبعض ضعاف النفوس، وبعض المترددين الذين يقفون في المنطقة الرمادية، والكثير ممن يظهرون على الفضائيات ويتبجحون بشعارات كبيرة بعد أن سرقوا ونهبوا البلد، وبدؤوا ينظّرون بالأخلاق والقيم والوطنية.

 

هناك ظاهرة جديدة ضمن هذا الموسم الدرامي تقوم على استنساخ مسلسل «ضيعة ضايعة» ماذا تقول في ذلك؟

 

  تماماً، هناك بعض الأعمال خرجت من عباءة «ضيعة ضايعة» سواء على صعيد الإخراج، أو الموسيقا واللهجات عموماً، وأيضاً على صعيد الكركترات التي يؤديها بعض الزملاء، ليس من العيب أن تحاكي عملاً ناجحاً حقق حضوراً عربياً وجماهيرياً كبيراً، لكن إن لم ترتق فوق مستوى العمل الأول؛ فإنك ستفقد كل مصداقيتك، وحقيقةً «ضيعة ضيعة» كان من نوع السهل الممتنع الذي يحقق الدقة في رسم الشخصيات، وهو ما ولّد هذه الحالة الجماهيرية له، أما المبالغات والغروتيسك الزائد عن حده في أداء شخصيات الأعمال المستنسخة عن «ضيعة ضايعة» جعل هناك تنافساً واضحاً في التهريج بين الممثلين، مما أسقط مقولة المسلسل عموماً، التي هي بشكل أو بآخر مرمّزة بصورة واضحة، لذلك فإنها سقطت في مستنقع التكرار الممجوج وناقص الجودة.

 

الظروف دفعت بعض المخرجين والمؤلفين لاعتماد صيغة العمل المشترك، سوري- لبناني أو سوري- عربي عموماً هل ترى ذلك مفيداً للدراما السورية عموماً؟

 

 كان ذلك ناجماً عن كون بعض الكوادر الدرامية السورية تعيش خارج سورية، ما دفع المخرجين لاستكتاب بعض المؤلفين لصياغة أعمال تلائم ظروفهم، من منطلق الحنين إلى الوطن وعدم نسيانه وما إلى هنالك.

مثلاً مسلسل «سنعود بعد قليل» يعتبر علامة إضافية لليث حجو تكرس حضوره كمخرج مهم، ومن المخرجين المعدودين على الساحة العربية الذين يعرفوا المعنى الحقيقي للدراما والبنية المشهدية لكل لقطة، لكن بالدخول إلى المضمون لدي تحفظات على بعض الشخصيات ضمن تلك الأعمال، وعلى بعض المفردات المستخدمة، فالأهم والمميز في أي عمل ألا تدع الرقيب يقص لك ما تريد قوله، بمعنى أن تمرر ما تريده بشكل موضوعي؛ ويكون قابلاً للهضم عند الناس كما حصل في «ضيعة ضايعة» لا أن تلجأ إلى التصوير خارج سورية بسبب رفض العمل رقابياً بداخلها.