2013/08/19

«فتت لعبت»... لعبة قمار بسمعة الدراما السورية!
«فتت لعبت»... لعبة قمار بسمعة الدراما السورية!

 

عوض القدرو – تشرين

 

 

بداية أود أن أقول إن مسؤولية إقحام أعمال كهذه تقع بالدرجة الأولى والأخيرة على الأمناء على صورة القنوات التلفزيونية السورية؛

وتحديداً دور الرقيب الذي يجلس خلف كرسيه؛ جاعلاً من رأيه الرقابي أمراً واقعاً؛ يتجلى بصورة مسلسل حمل عنوان «فتت لعبت» تاركاً المتلقي السوري لعبة بيد المنتج والكاتب والرقيب؛ فما هو ذنب المُشاهد السوري لكي يكون ضحية عمل كهذا ؟ وما هو ذنب أولئك الممثلين الشباب الذين يدخلون أبواب الدراما التلفزيونية من أصغر النوافذ؟ ..أعتقد أن «فتت لعبت» لا يمثل شبان وشابات الشارع السوري؛ وطبعاً كل هذا لا يشكل أي ردة فعل عند هؤلاء ولا يعنيهم بشيء ما دام المال دخل الجيوب؛ وأصبح العمل بالنسبة لهم أشبه بفخ تلفزيوني قد ابتلعه الجمهور وقضي الأمر .

إذا كان هذا المعنى فبالفعل أصبحنا مشاهدين من الدرجة العاشرة!؟ ويلزمنا محو أمية من جديد لكي نكتشف الشكل الجديد لسخافة شكل ومضمون درامي؛ كرس أفراد المجتمع السوري كمجرد وريقات في دستة ورق لعب؛ ليبقى صُناع هذا العمل هم «الجوكر» الذي يستخف بعقول الجميع على حد ظنه..

مسلسل يدخل أروقة كلية الآداب في جامعة دمشق، لنكتشف أربعة شباب يقابلهم على الطرف الآخر أربع شابات؛ والكل متداخل ببعضه البعض ضمن خط درامي لا يمت بأي صلة لحال الطالب أو الطالبة السورية؛ فالكل نراه في هذا المسلسل يعيش حياة التهريج والمسخرة وعدم المبالاة؛ دونما الدخول بعوالم هذه الشريحة المهمة من المجتمع؛ وعدم الاهتمام بما ستحمل يوماً لمجتمعها.

بالطبع هناك الكثير ممن أعجبهم هذا المسلسل؛ ولكن بالنسبة لهم هو تمضية وقت ليس أكثر مثل المحطات التلفزيونية السورية التي تعده بمنزلة تعبئة وقت بدل البرامج؛ وهذا بالطبع شيء يدخل ضمن سخرية الزمن الذي وصلنا إليه؛ عبر مجموعات فنية صغيرة تشبه أربعة أشخاص يجلسون على طاولة واحدة؛ يقامرون بأمزجة و أذواق المتلقي؛ من خلال لعبة ورق سخيفة ورخيصة المعنى والطرح.

بهذا المسلسل نجد أن المخرج والكاتب والمنتج لم يرتقوا بالحد الأدنى إلى أبجديات هواية صناعة الدراما التلفزيونية؛ وربما يكونون ضمن لعبة درامية ستكون آثارها في المواسم القادمة؛ أكثر استسهالاً، بل وستجعل من عملية إنتاج الدراما التلفزيونية أكثر سطحية؛ فسيجد المتلقي السوري نفسه أمام واقع درامي مفروض بحكم غياب عقلية الإنتاج التلفزيوني الصحيح. للأسف (فتت لعبت) ضياع الفكر والروح وحتى الحب الذي يدعي صناعه بأنه مقولة المسلسل الرئيسية! لكن ما نراه هو نوع من ثرثرة شبابية غير أخلاقية بالشكل أو بالمعنى؛ مسلسل يشوّه أروقة الجامعة السورية العريقة، وهنا تجد الإشارة إلى أن هذا العمل ليس ابتكاراً فريداً، وإنما هو مقتبس من عدة أعمال مسرحية في أغلبها مثل «مدرسة المشاغبين» و«العيال كبرت» وبطريقة مشوهة.

هذا العمل لا يرتقي لسمعة الدراما السورية، ولا يرتقي لسمعة المعهد العالي للفنون المسرحية الذي خرّج معظم أبطال المسلسل، بداية من عنوانه الذي يدل وبشكل واضح أن فبركته تمت على طاولات المقاهي؛ ليخرج للناس بصورته القاتمة؛ ولكن في الوقت نفسه يجب أن نعرف أن هناك شيئاً ما يبقى مع تراكم مرور الأيام؛ بيد أن «فتت لعبت» سيبقى حبيس أصحاب الثلاث ورقات؛ كون مثل هذه العقلية لن تضيف أي جديد على الدراما السورية؛ وستكون للأسف لعبة قمار خاسرة في كل المقاييس..