2013/08/20

ماجدة الرومي
ماجدة الرومي

 

بيار أبي صعب – الأخبار

 

 

ماجدة الرومي ليست إليسا، مع احترامنا للأخيرة وجيشها الإلكتروني الذي أعلن الجهاد علينا يوم أمس. ماجدة الرومي أيقونة وطنيّة. منذ اطلالتها الملائكيّة في «استوديو الفنّ»، على تلفزيون لبنان عشيّة الحرب الأهليّة، غنّت ابنة حليم الرومي لبنان الحلم، وحملت لنا هدايا سعيد عقل بالعلب، لتحتل بصوتها الكريستالي الفريد مكانة خاصة في وجدان اللبنانيين والعرب. مكانة عزّزتها الأيّام، ولم تقلل من شأنها بعض الخيارات السياسية المتسرّعة هنا أو هناك.

 

لكن للأسف ها هي تفرّط بهالتها المعنويّة وتحشر نفسها في الزاوية مع زميلتها إليسا. الخطأ السياسي نفسه جمع بين النجمة الاستهلاكيّة والمغنية الرصينة، خلال فترة زمنية لا تزيد عن ٢٤ ساعة. الأولى ارتكبته ليلة السبت في «أعياد بيروت»، والثانية الأحد في افتتاح مهرجان «صيف البحرين». الخطأ الجسيم هو الاساءة إلى كرامة ضحايا الظلم والحقد والعنف، «تطوّعاً» في الحالة الأولى، و«من أجل حفنة من الدنانير» كما كتب مغرّدون بحرينيّون في الحالة الثانية.

قلنا ما يمكن أن يقال عن إليسا، والأرجح أن زلّتها تشي بعصبيّة فطريّة مدعّمة بقلة وعي سياسي وغياب لأدنى حسّ مدني. لكن ماذا عن «سفيرة النوايا الحسنة في الأمم المتحدة» ماجدة الرومي؟ بماذا يمكن أن نشعر ونحن نرى أيقونتنا الوطنيّة تتهاوى على خشبة «المسرح الوطني» في المنامة؟ بأي وجه يمكن أن ننظر إلى ماجدة الرومي وهي تؤدي فروض الطاعة والخضوع، وتنحني بإذلال أمام واحد من أكثر الأنظمة العربيّة رجعيّة واستبداً؟ «جئنا نحييكم شعباً وقيادة ونشد على أيديكم، أنتم السالكين دروب النور، المتصدين للعتمة وجيوش الظلام». بهذه الكلمات السرياليّة مهّدت المغنيّة اللبنانيّة لحفلتها. كانت تتكلّم بلغة جوفاء، كمن تمّ تنويمه مغناطيسيّاً، تستظهر كالببغاء خطاباً قاتلاً وظالماً. هكذا إذاً؟ المعارضة البحرينيّة الرازحة تحت نير الاستبداد الدموي «قوى ظلام»، والنظام البحريني قيادة سالكة في «دروب النور»؟ مسكينة إليسا، جنحة «أسواق بيروت» لا تكاد تذكر أمام السقطة البحرينيّة!

ردود الفعل كانت عنيفة داخل البحرين وخارجه. لقد «غنّت من أجل الدكتاتورية ودعم الحكومات التي تضطهد شعوبها»، غرّد محمد المسقطي رئيس «مركز شباب البحرين لحقوق الإنسان» وأضاف: «سوف تلاحقك أرواح ضحايا البحرين أنّى ذهبت». وانتهرتها الدكتورة رولا الصفار رئيسة جمعية التمريض البحرينية: «بينما تغنين يا ماجدة، هناك من يموت خنقاً في البحرين». فيما أسف الكاتب علي الديري لـ «كلمات كالخنجر في قلوب البحرينيين. كلمات كرصاص الدكتاتور وسُحب موته». ماجدة ذهبت إلى البحرين لتشهد بالزور، ضدّ شعب مقموع يطالب بالعدالة والحريّة. «إيماني بقيادات متل قيادتكم تسعى ان ترد عن الكل أيدي المجرمين… في النهاية الله معنا والحق إلى جانبنا والمستقبل لنا» قالت مغنيّة الحريّة. ثم انصرفت إلى تقديم مجموعة من «أغنيات الحب والخير والسلام»، بعدما استنهضت جمهورها: «لنحتفل بالحياة ونقول لا للحروب… بدنا نعيش… تركونا نعيش بسلام». على الهاتف المحمول وصلتنا صرخة خرساء من صديقة أكاديميّة في البحرين: «كنت أحبّها، لعنة الله على مال النفط، لقد أفسد كل المقدّسات».