2013/08/21

دانا مارديني
دانا مارديني

 

محمد الأزن – الأخبار

 

 

ترفض الممثلة السورية الشابة دانا مارديني إجراء مقابلات صحافية خلال هذه المرحلة، أو الإدلاء بأيّ تصريح حول ما كُتب وقيل عن تألقها خلال رمضان 2013. تبرّر دانا رفضها التعاطي مع مسألة نجاحها بعفوية قائلة: «لسه عمري 24 سنة بس، وبرصيدي 3 مسلسلات، عن شو بدي إحكي؟». موسم دراما 2013 كان باهتاً ومرتجلاً، ومثيراً للجدل بالنسبة إلى الدراما السوريّة، وصنّاعها، وعشّاقها، لكنّ اسم دانا قفز إلى الواجهة عبر أداء متميّز في دورين: الأول شخصية «مريم» في مسلسل «سنعود بعد قليل»، و«حنين» في الجزء الثالث من مسلسل «الولادة من الخاصرة ــ منبر الموتى». قوبل أداؤها باحتفاء نقدي وجماهيري عكسته استطلاعات الرأي في سوريا، ففازت بلقب «أفضل ممثلة سورية شابّة». لم تنتظر مارديني طويلاً لتسلك دروب الشهرة، بعدما لفتت الأنظار بدور «تماضر» في «سيليكون» (عرض تخرج طلاب «المعهد العالي للفنون المسرحية» أواخر عام 2010)، وقفت أمام كاميرا المخرجة رشا شربتجي، وجسّدت شخصية «حنين» ابنة المقدّم رؤوف في «الولادة من الخاصرة1» التي يَشُكُ في نسبها له، ويعاني من عقدة استمرار نسله، ويحلم بصبي يخلد اسمه.

 

تحاول الفتاة المعجبة بأبيها ترويض النمر، بكل ما أوتيت من سمات أنثوية حنونة، وصلابة وعناد اكتسبتهما ممن تصرّ على أنه والدها. تتعاطف معه، وتقص شعرها على هيئة ولد لتقنعه بأنّه الذكر الذي لطالما حلم به. في الجزء الثاني من «الولادة من الخاصرة ــ ساعات الجمر»، تساند «حنين» والدها، وتنجح في اختراق عالمه، بينما تواجهه في الجزء الثالث من العمل «منبر الموتى»، وتعارضه بشراسة على تعذيبه وقتله للسجناء، لتقذف عمله السيّئ في وجهه في نهاية المطاف.

وبين «حنين1» و«حنين3»، قدّمت دانا مارديني دور «نهلة» في مسلسل «أرواح عارية» (إخراج الليث حجو ــ 2011)، وأدّت دور المراهقة التي تقع في الكثير من الأخطاء، رغم محاولتها تجنّبها، لتتخبط بين ما تتلقاه من المجتمع حولها، وبين ما تربّت عليه. ومع أنّ هذا الدور بدا مقنعاً لجهة قربه إلى مرحلتها العمرية، إلا أنه لم يشكّل استثناءً لها على مستوى الأداء، مع التنويه بإجادتها فيه.

وقبل أن تؤدّي مارديني دور «نهلة»، شاركت في فيلم «رسائل الكرز»، التجربة الإخراجية السينمائية الأولى لسلاف فواخرجي. جسّدت دانا في الفيلم شخصية «سيماز» التي تجمعها قصة حبّ بـ«عمر»، فيتبادلان رسائل الحب المكتوبة بحبر الكرز. لكن هذه القصة لا يكتب لها النجاح بسبب ظروف الجولان السوري المحتل، وما زال الفيلم قيد استكمال العمليات الفنية، قبل أن يعرف طريقه إلى المشاركة في المهرجانات السينمائية استباقاً لعرضه في الصالات.

أما الدور الذي وصف بالاستثنائي للممثلة الشابة، فكان شخصية «مريم» في مسلسل «سنعود بعد قليل» في رمضان الماضي. فتاة سوريّة مهاجرة إلى لبنان، تطلّ علينا بهيأتها المرحة كبائعة ورد تقف على إحدى الإشارات المرورية، يلتقي بها «راجي» (رافي وهبي)، وتبدأ بينهما قصة حب يبقى مصيرها معلقاً في المشاهد الأخيرة من العمل. بين المشهدين الأوّل والأخير، نكتشف عذابات هذه الفتاة مروراً باغتصابها، وهروبها من مصير كان ينتظر الكثير من اللاجئات السوريات (زواج السترة، أو الزواج لدعم حرائر الثورة). تشعّ مريم بالتألق من عينيها عندما تروي ذكريات مشاركتها في التظاهرات في سوريا، وتحتوي عقدة راجي كأمّ وحبيبة. كذلك لفتت الأنظار بتصرفها النبيل أثناء زيارة أبيه «نجيب» (دريد لحّام)، وموهبتها الفريدة في اكتشاف هوية الزائر القادم من دعسة قدمه.

أثنى الممثل السوري رافي وهبي، كاتب مسلسل «سنعود بعد قليل» وبطل ثنائية راجي ومريم، في حديث إلى «الأخبار» على أداء دانا مارديني، وقال إنها جسّدت ملامح شخصية مريم المكتوبة على الورق «في أقصى حدٍ ممكن من الأداء». وكشف وهبي أنّ الاتفاق مع مارديني لأداء الدور قد تمّ منذ كتابته للحلقة الرابعة أو الخامسة للعمل، واستكمل الكتابة وهو يتخيّل «كيف يمكن أن تجسّد هذه الشخصية». أضاف وهبي «تناقشنا طويلاً (دانا وأنا) في طريقة أداء مريم»، وبدأت هي بالبحث في تفاصيل الدور طوال الوقت فور قراءتها له. إلى جانب كونها ممثلة موهوبة في الأساس، أتى اجتهادها ليضاف إلى موهبتها».

يتفق وهبي مع ما قيل عن وجود نوع من الكيمياء بينه وبين مارديني أثناء تقديمهما مشاهد راجي ومريم في المسلسل. ويعلّق على ذلك قائلاً «أثناء العمل، يحدث أن تكون هناك مشاعر خاصّة بين شريكين في التمثيل، هذه المشاعر يكون لها طعم مختلف حين تكون بإدارة المخرج الليث حجو الذي يعطي مساحة للممثل، وهذا كان له أثره على الأداء». أما مريم (الأصلية) فقد التقاها وهبي على إشارة مرور في شارع الحمرا في بيروت، وعرضت عليه أن يشتري وردة منها. وفي لحظة تردّد منه، أدركت أنّه الممثل الذي لطالما تابعته قبل هربها بسبب الأحداث، فوضعت وردتها على «تابلو» السيارة ورفضت أن تأخذ ثمنها. يقول رافي «منذ اللحظة الأولى التي لمحتها فيها، شعرت بأنّها بطلة درامية. رغم حاجتها إلى المبلغ البسيط الذي تتقاضاه ثمناً للوردة، لم تقبل مني قرشاً واحداً». وأضاف «عندما بدأت بكتابة المسلسل، كان من أولوياتي أن أعيد إليها وردتها ولا أدري إن كنت استطعت ذلك».