2014/04/17

الدراما حققت وثيقتها عن عرس نيسان
الدراما حققت وثيقتها عن عرس نيسان

 

لؤي ماجد سلمان – تشرين

 

 

تعد الصور الفوتوغرافية الذاكرة الأساسية التي استخدمتها الأفلام الصامتة لتوثيق يوم جلاء المستعمر الفرنسي عن الأرض السورية، ولاسيما الصور التي التقطت خلال افتتاح أول مجلس شعب سوري، أو أثناء زيارة ضريح الشهيد يوسف العظمة

وحفل تأبين المناضل إبراهيم هنانو، أو عودة المناضلين المبعدين عن وطنهم أمثال «عبد الرحمن الشهبندر، سلطان باشا الأطرش» وغيرهما. لتأتي بعدها أفلام وثائقية تروي قصة نضال الشعب السوري ضد المستعمر، هذا النضال الذي استمر سنوات طويلة، وما زال مستمراً إلى هذه الساعة، فبرزت عدة أفلام سينمائية أهمها فيلم «مذكرات وطن» الذي حققه المخرج أمين البني عام 1987 وأنتجه التلفزيون العربي السوري؛ والذي استعرض فيه «البني» ثورات كل من المجاهدين السوريين إبراهيم هنانو، سلطان باشا الأطرش، الشيخ صالح العلي، وتأتي أهمية هذا الفيلم الوثائقي من حرص مؤسسة التلفزيون على تمويل وشراء ما سرقه المستعمر الفرنسي من صور ولقطات، ليعرض للمشاهد ما كان غافلاً عن وجوده أثناء رحلة التصدي لتقسيم سورية إلى ثلاث دويلات على أساس طائفي ومذهبي بغيض؛ وتطور الأحداث حتى الوصول للاستقلال والجلاء المجيد في نيسان 1946، كما قدمت مؤسسة السينما والتلفزيون السوري عدة أفلام وثائقية كان أبرزها «فيلم بين الوثيقة والراوي» عام 1982 للمخرج عبد المعين عيون السود الذي اعتمد على روايات المجاهدين والصور الفوتوغرافية، وفيلم «ثورة الشيخ صالح العلي» عام 1982 بتوقيع المخرج عصام سليمان، وفي عام 1996 فيلم «الذاكرة الخمسون للجلاء» تحقيق المخرج عبد الغني بلاط، فيما قدمت سينما الجيش أيضاً من إنتاجها فيلم «عيد الجلاء» استعرضت من خلاله ذكريات المجاهدين، وصور نضال الشعب السوري ضد الاحتلال الفرنسي...

أما بالنسبة للأعمال الدرامية والمسلسلات فنجد أن ما قدم كان من إنتاج التلفزيون السوري كمسلسل «دمشق يا بسمة الحزن» عن رواية الأديبة السورية ألفت الادلبي، إضافةً لفيلم من قبل مؤسسة السينما، كما عرض التلفزيون سهرة تلفزيونية بعنوان «عباية للثوار» من بطولة محمود جركس ومنى واصف، وحقق المخرج علاء الدين كوكش مسلسلاً بعنوان «أمانة في أعناقكم» عن نص لمعتز عويتي؛ أما على صعيد القطاع الخاص فقد قام السيد زياد صيموعة عام 2010 بإنتاج فيلم على حسابه الخاص بعنوان «شمس الجلاء» وإخراج رامز المحيثاوي، عن نص منهال الشوفي تحدث فيه عن قصة كفاح الشعب السوري ووحدته الوطنية من أجل نيل الحرية والاستقلال، مستعرضاً مرحلة الاستبداد العثماني مروراً بالثورة العربية الكبرى وثورتي «هنانو» و«صالح العلي» في الساحل والشمال ومعركة «ميسلون» ومقاومة أبناء سورية وتصديهم للمستعمر الفرنسي في مختلف المناطق، كما شاهدنا عدة أعمال درامية أنتجها القطاع الخاص كمسلسل «أخوة التراب، حمام القيشاني» وغيرهما من مسلسلات حاولت تسليط الضوء من بعيد على يوم الجلاء، من خلال ما أدخلته من أحداث درامية ووقائع تاريخية في الحارة الدمشقية، أو أثناء مقارعة المستبد العثماني كما في «أخوة التراب» لكاتبه حسن م. يوسف، ما يدل على أن شركات الإنتاج الخاص لم تهتم بتخليد هذه المناسبة، ولم تخصص مساحة لها ضمن مئات الأعمال التي أنتجت في مراحل ازدهارها، واكتفت بذكر المناسبة من باب المصداقية وتسلسل الأحداث التي فرضها الشرط التاريخي لبعض الأعمال، بينما اكتفى القطاع العام بالأفلام الوثائقية، من دون الاقتراب من المسلسل، أو الفيلم الروائي، حتى إن بعض الأعمال التي أنتجها القطاع الخاص، ولاسيما ما عرفناه بمصطلح «البيئة الشامية»، وبعض الأعمال التي حاولت تقديم المستعمر بصورة أليفة كما في «طوق البنات» الذي دارت فكرة العمل فيه حول حوار بين الغرب والشرق من خلال كولونيل فرنسي يعشق صبية دمشقية، فيستقيل من منصبه معلناً إسلامه، أو كما في الجزء الثاني من مسلسل «زمن البرغوت» حين يقدم المحتل العثماني بشكل لطيف وحزين أثناء خروجه من الحارة فنشاهده يمسح على رأس طفل من أطفال الحارة بكل حنان، ويضم أهل الحارة أثناء وداعهم، ونشاهد بالمقابل تعاطف أهل الحارة معه.

في النهاية يمكننا التأكيد على تقصير القائمين على الدراما في القطاعين العام والخاص، والمؤسسات المعنية بالإنتاج الفني في حقنا وحق المناسبات المهمة التي لم تعد راسخة في أذهان الأجيال الجديدة، بل كرّس القطاع الخاص محلها تواريخ وأحداثاً لا تمت لذاكرتنا الوطنية بصلة، بدل أن يقدموا أعمالاً تليق برمزية الجلاء كمناسبة وطنية، والوحدة العربية، والأراضي السلبية، والفكر الذي يعبر عن الحرية الحقيقية في الخلاص من المستعمر الذي يحاول في كل زمان احتلالنا بطرق وصيغ مختلفة.