2014/05/16

زهير قنوع
زهير قنوع

تشرين - بديع منير صنيج

 

بعد مجموعة من المسلسلات التي كان كاتبها ومخرجها مثل «سيت كاز»، «العشق المجنون»، و«سولو»، يعود «زهير قنوع» كاتباً ومخرجاً لمسلسل «شهر زمان»، بإنتاج مشترك هذه المرة لكل من المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي وشركة قبنض للإنتاج الفني، لكن ما يميز هذا المسلسل عن سابقيه بحسب «قنوع» أنه يمثله فكرياً وفنياً، وأنه كما يقول «راضٍ تماماً عنه قبل التصوير، ومتفائل فيه لدرجة عدّه الأقرب إلى قلبي فهو على مزاجي وينتمي تماماً إلى ما أحب أن أشتغل عليه».

 

زمن أحداث المسلسل والقفزات الزمنية التي يتضمنها هو شهر واحد في الزمن الحالي وهو دراما اجتماعية معاصرة تتضمن ملمحاً رومانسياً لأبطال العمل الذين يحبون مؤكدين استمرار الحياة عند السوريين إلى جانب الخط الرئيس الذي يحكي عن تجار الحرب بالدرجة الأولى وعن أولئك الذين استفادوا مما يحصل في سورية لبناء مصالح شخصية.

«شهر زمان» إذاً يحكي عن الحب والحرب، لكن إلى أي درجة يقترب من مقولة مسلسل «الحب كله» الذي أخرج فيه «قنوع» خماسية «إيقاع» التي كتبتها «آنا عكاش»، يقول كاتب «أهل الغرام»: «إنه بعيد كل البعد عنه، فـ«شهر زمان» ليس معنياً بقصص الحب بالدرجة الأولى، والملمح الرئيس له أنه دراما تشويقية، بينما يأتي الخط الرومانسي سمة رديفة للتشويق، بينما «الحب كله» هو قصص حب تجري مع ناس في زمن الحرب، في حين أن الحب في «شهر زمان» شيء طبيعي يحصل مع أشخاص يعانون أشياء كثيرة.

«التعامل مع الزمن الآني وخاصة مع الأزمة التي تعيشها سورية يشبه كثيراً التعامل مع الصلصال الحار وتالياً لن يكون التمثال المنجز جيداً»، هذه المقولة يوافق عليها «قنوع» موضحاً أنه إذا كان الخيار بين أن ننتج تمثالاً أقرب إلى الكمال أو أن لا ننتج تمثالاً نهائياً، فهو يختار أن يكون التمثال ليس مكتملاً. يقول: «صحيح أنه بعد انتهاء الأزمة التي تعصف بسورية سنكون قادرين على الكتابة عن هذه المرحلة بحرية أكثر وراحة أكثر وبعمق أكبر، لأنه حينها سنكون عرفنا كل ما جرى، أما الآن فهناك الكثير من الأمور التي لا نعرفها أو لا نفهمها، وتالياً الحديث عنها سيكون صعباً، لكن ما البديل؟ أن نحكي عن باب الحارة، أو شوارب محمود، أو الحرملك. بالتأكيد لا، في رأيي أي مبدع يريد أن يكتب دراما معاصرة لا يجوز له أن يبتعد عما يحصل في البلد، أو أن يكون منفصلاً عن الواقع، إلا إن اشتغل مسلسلاً تاريخياً أو مسلسل خيال علمي، فحتى المسلسل الكوميدي، إن لم يتحدث عما يجري الآن فهو منفصل عن الواقع، ولن يتابعه أحد، فالجمهور الآن لن يقبل مسلسلاً عن الحب والغرام ويصور سورية على أنها بخير، ولطالما اشتهرت الدراما السورية بأنها دراما الواقع وهذه نقطة القوة فيها، فمنذ بداياتها وهي تنتقد الفساد عبر مسلسل «مرايا» و«بقعة ضوء» وغيرها من الأعمال الاجتماعية، وهذا ما ميز الدراما السورية، لذلك لا يمكننا القول: إن التمثال لن يكون مكتملاً وتالياً لن أعمل، أنا أؤكد أن كل الأعمال فيها نواقص، من أهم إنتاجات هوليوود وصولاً إلى أسوأ إنتاجات السودان، دائماً هناك نواقص بحكم أن الكمال الفني ليس موجوداً، صحيح أن هناك ميزة قد نخسرها في ظل عدم وضوح الرؤية، لكن في المقابل هناك ميزة مهمة نكسبها وهي الحرارة والطزاجة بالموضوع المطروح، فليس هناك أهم من الحديث عن قضية يعيشها المشاهد الآن في هذه اللحظة، ما يجعله ملتصقاً أكثر بالمادة الدرامية وأكثر قابلية لتوصل له رسائلك الفكرية، لأنه يشعر بأنك تشبهه وقريب منه وصادق. أما، كما حصل في العام الماضي، أن تحكي في مسلسل عن زمن الـ2010 فأعتقد أن ذلك هروب غير مجد».

وعند سؤالنا عن إن كان ثمة توثيق للحياة الاجتماعية ضمن «شهر زمان» أجاب مخرج الجزء الثاني من «يوميات مدير عام»: «سيظهر على الشاشة أننا نعيش في الـ2014- 2015 وهذا في حد ذاته تأريخ، لكن ذلك لن يكون سمة للعمل، فأنا لا أحكي عن الأزمة في سورية وهي ليست موضوعي، بل معاناة الناس من مجموعة مشكلات بسبب الأزمة، إضافة إلى فكرة تجار الحرب».

يؤكد قنوع أن عمله يحكي عن شيء من الأزمة لأنها، بحسب رأيه، تحتاج مئات المسلسلات للحديث عنها بشمولية، ولا يكفيها مسلسلان أو ثلاثة أو فيلمان، ويقول: «البشاعة ضخمة جداً، والحقد والعنف كبيران، والخيبات هائلة، ويوازيها الأمل والحب والحياة، لذلك نحن بحاجة لعشرات الكتاب والصحفيين كي يلموا بالأزمة في سورية».

أما عن إيجابيات الإنتاج المشترك لهذا العمل ولاسيما أنه بين قطاع عام وآخر خاص، فيوضح المخرج السوري أنه أثناء تحضير المسلسل لم يكن ثمة فرق، لكنه يشعر الآن بأن هناك ضخامة في الإنتاج في ظل وجود جهتين متبنيتين للإنتاج، وهذا ما سيمكّنه من تحقيق شرطه الفني بصيغة أفضل قليلاً، ويضيف: «من حيث المبدأ أنا مع الإنتاج المشترك لأنه يتيح المجال لأن تنتج المؤسسة بدل المسلسلين ثلاثة ومثلها القطاع الخاص، وهذا يغني دفق الدراما السورية ويجعلها تخرج بكم إنتاج أكبر وهو ما سيؤدي إلى نوعية أفضل».