2014/09/04

هيما إسـماعيل
هيما إسـماعيل

 

تمام علي بركات – تشرين

 

 

خريجة الأكاديمية السورية للتمثيل عام 2001، فنانة خاصة واستثنائية، استطاعت أن تلفت انتباه الجمهور وأهم المخرجين السوريين إليها بوقت قصير جداً، بسبب القدرة العالية التي تمتلكها، في التعبير عن جوانياتها على لسان شخصياتها بحرفية متميزة ولافتة، اشتغلت في العديد من الأعمال الدرامية السورية المهمة مثل «الزير سالم» و«صقر قريش».

ابتعدت عن العمل الفني لانشغالها بتكوين أسرة، تقول عنها: إنها أجمل وأثمن ما وهبها الله.

«تشرين» التقت الفنانة السورية هيما إسماعيل وكان معها الحوار الآتي:

• دعينا نبدأ من دورك الأخير في المسلسل الكويتي « ثريا»، ماذا تخبرينا عنه؟

•• دوري في مسلسل «ثريا» صغير جداً ولكنه دور امرأة سورية بسيطة تتسم بخفة دمها.عملي يقتصر على حوارات رشيقة ذات طابع مرح أغلبها مع الفنانة الكبيرة «سعاد العبد الله» وهذا ما شجعني للعب هذا الدور.

• أنت من الفنانات السوريات اللواتي تركن أثراً طيباً في الجمهور السوري والعربي، ولاسيما عندما قدمت دور «اليمامة» في مسلسل «الزير سالم»، برأيك هيما ما هو الشرط الضروري لأن يكون الفنان ناجحاً ليصل لقلوب الناس؟

•• الالتزام والاجتهاد، العمل بجدية وعدم الاستهتار بعقل المشاهد مهما كان، البحث والعمل والدراسة لإيجاد مفاتيح الشخصية بشكل متوازن وعقلاني يجعلها حقيقية قدر الإمكان.. عدم الوقوع في شرك الغرور فهو مقتل الممثل وإحساسه أنه قادر على أداء أي دور بسهولة ومن دون بحث واجتهاد سيفقده الكثير من جمهوره وأولهم المتلقي العفوي، وطبعاً هناك صفات مهداة من السماء لكل ممثل تؤيد وتدعم ما سبق مثل الحضور.

• ابتعدت عن العمل الفني منذ مدة طالت قليلاً ماذا تخبرينا عن هذا الغياب، كيف ترين واقع الدراما السورية الآن من وجهة نظرك كفنانة وكمتفرجة أيضاً؟

•• ابتعدت لأسباب عائلية ولأنني موجودة خارج سورية مع زوجي ولرعاية أولادي، ولكن لم يمر يوم واحد وأنا أحس أنني لن أعود للعمل كممثلة ثانية أنا أحاول متابعة كل شيء وأعود للممثلة في داخلي وأسترجع ما تعلمته وأضيف في كل يوم تجاربي مع الناس والحياة إلى مخزوني الروحي وكأنني أخبئه لحين عودتي للعمل ثانية.. أنا متعصبة للدراما السورية أو بالأحرى للدراميين السوريين الذين أثبتوا إمكاناتهم وكفاءتهم أينما ذهبوا وحلوا.. الدراما السورية الآن في ثبات صحيح، ولكن هذا ليس تراجعاً إنه شحذ وتخزين لكل ما مرت به سورية وانعكاساتها على الدراما ستُظهر من يستغل أوضاع البلاد لتقديم أي عمل كما ستُظهر من يعمل تحت أي ظرف ليحافظ على وجودها وسيكون هناك فنانون يمتلكون إمكانات أكبر لتكون لهم حرية الخيار بما سيقدمونه من خلال سعيهم لتقديم الأجود والأفضل.

• بعد ثلاث سنوات من عمر الأزمة في سورية، هل ترين أن الدراما السورية استطاعت أن تقدم ما يعني المواطن السوري؟ ما يحاكي همومه وألمه بطرح جاد وحقيقي، أم إن الأحداث على الأرض سبقت الدراما بأشواط عدة حيث إنها أي الدراما لم تنضج بما فيه الكفاية لتواكبها؟

•• لنأخذ الموضوع من منظور فني آخر: أي ناقد تشكيلي لن يستطيع نقد لوحة من النظرة الأولى، يجب أن يقترب ويبتعد عدة مرات ويراها عدة مرات حتى يستطيع نقدها بشكل جيد حتى الناقد المسرحي لن يستطيع إبداء وجهة نظر صحيحة بمجرد خروجه من المسرحية يجب أن يراها مرتين وثلاث مرات وينتظر حتى تتخمر جميع الأفكار النقدية السلبية والإيجابية حتى يستطيع النقد بشكل سليم وهذا ما يحصل الآن في الدراما التي تقدم ما مضمونه نابع من تداعيات هذه الأزمة التي يمر فيها بلدنا الغالي، لن يستطيع برأيي أي كاتب أو مخرج أن يقدم أفضل ما يمكن عن الأزمة مادام ينظر إليها وفق معيار واحد وهذا ما رأيته في العديد من الأعمال التي تناولت هذا الشأن، وأيضاً هموم السوريين كثرت وتعددت بشكل كبير يحتاج فنانونا سنوات للإلمام بها كلها لتقديمها بما يليق بالصمود الأسطوري الذي قدمه السوريون في المحنة التي نمر فيها جميعاً.

• أنت خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية، وكانت لك عدة تجارب مسرحية، في رأيك لماذا يتنكر معظم الفنانين للمسرح، مفضلين عليه شاشة التلفاز، وما الأسباب التي جعلت الجمهور يهجر العروض المسرحية؟

•• سورية ليست البلد الوحيد الذي يعاني فيه المسرح من الهجران... أنا عملت في مسرح الكويت ووجدت أنهم يواجهون المشكلات نفسها، الممثل كأي مواطن لديه التزامات يريد أن يعيش في المستوى اللائق هذا المستوى الذي لا يقدمه القائمون على المسرح في الدول العربية على الأقل مادياً، ولذلك المبدعون الحقيقيون لا يستطيعون ترك فرصهم في التلفزيون وما يقدمه مادياً ومعنوياً للممثل والمخرج وكتاب النصوص من أجل مبالغ زهيدة يقدمها القائمون على مسارحنا، وأيضاً علينا ألا ننسى أن العمل المسرحي يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين، إضافة إلى البيروقراطية التي يواجهها الفنانون.. في رأيي نحن نحتاج إلى منتج مغامر وجريء ليقدم ما يلزم للمسرح والمسرحيين، مثل -رحمه الله- أديب خير الذي قدم عدة محاولات لإنتاج مسرح خاص، وقد لاقت قبول الجمهور لوجود عناصر تجعل المشاهد من جميع الشرائح العمرية يتحمس لحضور مسرحية أهمها وجود النجوم الذين يحبهم المتفرج في العمل المسرحي.

• متى سنراك في عمل درامي سوري، وما هو الشيء الذي تتمنين أن تتطرق له الدراما السورية في هذه المرحلة؟

•• أنا الآن أبدأ بإثبات وجودي كممثلة وكأنني تخرجت البارحة بعد هذا الانقطاع وأبحث عن فرصة لعمل لائق بدور لائق، أتمنى على الدراما السورية أن تقدم الآن أعمالاً تعنى بمشكلات الناس الصغيرة منها والكبيرة، مآسي المهجرين مثلاً، البطولات الأسطورية التي يقدمها الجندي السوري، الفقر واستغلال تجار الأزمات لحاجات الناس، تسليط ضوء قوي على الفساد وآثاره الكارثية على المواطن.. يجب أن نقدم الآن هموم السوريين الحقيقية، أوجاعهم وبطولاتهم الأسطورية حقاً.

• كان من اللافت منذ بدء الأزمة في سورية، ذهاب العديد من الفنانين السوريين نحو تبني آراء تحريضية ضد سورية، والتسويق لها من خلال استغلال مكانتهم الطيبة عند الناس، في الوقت الذي يفترض بهم أن يعملوا على محاولة تقريب وجهات النظر، كما فعل الراحل «نضال سيجري» وغيره من الفنانين السوريين كـ: رغدة وعارف الطويل وزهير عبد الكريم وفنان الشعب رفيق سبيعي.. بصراحة سيدة هيما كيف تقيمين هذه المواقف؟ وكيف تنظرين إلى الحملة الشعواء التي تعرض لها الفنان الكبير دريد لحام بسبب مواقفه الوطنية.؟

•• بصراحة لن أقيّم أي فنان فأنا لست بمكان أستطيع فيه تقييم أحد... ولكن ما قام به المرحوم نضال سيجري قدم مثالاً للفنان الملتزم بهموم وطنه وكان من المفروض أن يحتذي به كل فنان شريف، برأيي خُدع البعض بمقولات الحرية والديمقراطية والدولة المدنية وهذا ما نطالب به كلنا كسوريين ولكنهم ضلوا الطريق للوصول إلى تلك المطالب، والبعض منهم انتهز الفرصة للحصول على الأضواء التي لم يستطيعوا الحصول عليها بجهدهم وعملهم الشخصي، مشكلة هؤلاء أنهم يتناسون أن الناس لها ذاكرة لا تنسى من كان مع الحق زمن وقف ضده.