2015/07/11

من بقعة ضوء
من بقعة ضوء

الأخبار - وسام كنعان

تؤكد دراسات عدّة أنّ ملحمة «الكوميديا الإلهية» للشاعر الإيطالي دانتي مسروقة من «رسالة الغفران» لأبي العلاء المعري. مع ذلك، بُرّئ دانتي من التهمة لتظل الملحمة الشعرية المكتوبة في ثلاثة فصول «الجحيم والفردوس والمطهر» أيقونة أدبية منذ زمن بعيد تشرح معنى الكوميديا السوداء. برع السوريون في هذا المجال منذ أيام «مسرح الشوك» (أسّسه الراحل عمر حجو) قبل أن تتلفز الفكرة لاحقاً على يد المخرج الليث حجو، وبشراكة واقتراح من النجمين أيمن رضا وباسم ياخور.

لكن شركة «سما الفن» حوّلت الفكرة إلى تجارة رابحة، وصار مسلسل «بقعة ضوء» تقليداً سنوياً، حتى ولو في غياب نجومه المؤسّسين! في هذا الموسم، نتابع الجزء 11 من السلسلة الكوميدية الشهيرة (يُعرض على «سما»، و «سوريا دراما»، و«المنار») الذي يعتمد في غالبية مفاصله على الأزمة العاصفة بالبلاد، ويقدم نمطاً من الكوميديا السوداء.
تسلّح المخرج سيف الشيخ نجيب بنجوم الصف الثاني أمثال أندريه سكاف، ومحمد حداقي، وفادي صبيح، وأحمد الأحمد، ورنا شميس، مع وجود للنجمين عبد المنعم عمايري وفايز قزق. هكذا، مرّ المسلسل رغم تدنّي مستوى نصوص لوحاته وتكرار أفكار لوحات قديمة، وغَرَق بعضها الآخر في التهريج، متخذة من اللهجة مفتاحاً وحيداً للكوميديا، كما كان يفعل الكوميديان ياسر العظمة في مراياه.
لكن «بقعة ضوء 11» استفاد من تماس أحداثه مع الواقع السوري حتى في المناطق الساخنة، من دون تقديم جديد عمّا شاهدناه في الجزءين الماضيين.
مع ذلك، تمكّنت بعض اللوحات من تحقيق ضربات ناجحة، مثل تلك التي تتحدّث عن موظّف عصامي يصرّ على الوصول إلى مكان عمله عابراً الحواجز ومجابهاً الموت، لنكتشف بعدها أنّه المسؤول عن التقنين الكهربائي في دمشق.
بدا اقتراح لوحات «وطن بدل ضائع» بدلاً من «غداً نرتقي» التي قُدّمت في الأجزاء الثلاثة الأخيرة معقولاً إلى حدّ كبير، لكونه يلخّص همّ السوريين الذين هربوا من جحيم الموت فابتعلهم البحر خلال هجرتهم غير الشرعية نحو وطن بديل! ونتابع في هذه اللوحات أداءً ملفتاً لمحمد حداقي وأندريه سكاف. الأخير شارك سابقاً في لوحات «أمل ما في» مع بسام كوسا. هنا، يطل حداقي بقدم مكسورة، في إشارة إلى النظام السوري الذي يعرّيه الممثل الكوميدي بأسلوب هادئ، فيما يمثّل سكاف الشعب.

ربّما يطرح الثنائي بديلاً موضوعياً لموالٍ ومعارض من عامّة الناس، علقا في جزيرة معزولة وراحت نقاشاتهما اليومية تطرح واحدة من عناوين نشرات الأخبار بلغة يرتفع مستواها حيناً نحو الفلسفة الساخرة، وينحدر أحياناً باتجاه العموميات المكرورة، قبل أن ينتهي الجدال بشقاق محبّب باعتباره لمحة كوميدية مقبولة.
بدورها، تسير النجمة السورية أمل عرفة في حيثيات الجزء الثاني من مسلسلها «دنيا» (إخراج زهير قنوع ــ يُعرض على «أبو ظبي»، و«الجديد») بمحاذاة الحالة الإنسانية في الشام على خلفية الأحداث الدامية. ورغم محاولات المخرج الجادّة وأداء نجوم المسلسل وشعبية الكاركتيرات التي يجسّدونها وحرفية الكوميديان أيمن رضا، نجد أنفسنا غالباً أمام غياب لحدث كوميدي جاذب على صعيد القصص، إلى جانب غرق «دنيا 2» في موجات صراخ متتالية وتكرار مبالغ فيه لـ«إفيهات» من الجزء الأوّل.