2018/05/31
ماهر منصور – سيدتي
«لندع ما يقوله النقاد وعلماء المجتمع من تأثير ثقافة العنف التي تشيعها المسلسلات التلفزيونية على المشاهدين؛ فالواقع أشد عنفًا، ثم إن هذا ما يحبه الجمهور ويريده».
ذلك مزاج يشيعه ارتفاع معدل القتل في عموم المسلسلات التي تعرض حاليًا خلال شهر رمضان المبارك، حتى لو لم يقصد صانعوها إشاعته، وللمثال فها هو مسلسل «وردة شامية» يتحدى «الهيبة»، وفي الميدان تواجه الشقيقتان «وردة» و«شامية» بالقتل خنقًا، رصاص جبل وعائلته وساطور أخيه عادل.. وتحتدم المنافسة بين المسلسلين، لا بعدد القتلى في كل حلقة، وإنما بطريقة القتل وإثارتها.
في «وردة شامية» تقتل الشقيقتان خالتهما عزيزة، قبل أن يلحقاها بسيدة الحارة «ابتهال».. ولا تنتهي الحلقات الأولى من المسلسل حتى يُقتل زوج هدى «فوزي» بطعنة خنجر من ابن «ابتهال».. وصولاً إلى الحلقة الثانية عشرة؛ حيث يصل عداد القتل خنقًا إلى خمسة.
أما «الهيبة»؛ فيرتفع فيها منسوب القتل أكثر؛ فخلال أقل من حلقتين، يسجل عداد الموت مقتل سلطان شيخ الجبل برصاصتين، ليليه مشهد دموي لمقتل «سليمان السعيد» بساطور عادل.. ليكون مقتله إيذانًا ببدء مجزرة دموية، يذهب ضحيتها بدايةً سبعة من أفراد عائلة «السعيد»؛ لتتسارع مشاهد القتل بإيقاع مونتاجي سريع.
الإثارة تبقى عنوان المشاهد من «وردة شامية»؛ وصولاً إلى «الهيبة».. ولا انقسام بين الجمهور بين قاتل ومقتول؛ فالحكاية تلهب حماسة الجميع، تسوق أحداثها وتأسطر أبطالها، وتخاطب رغبة المشاهد وعاطفته، وأحيانًا عقد نقصه، في كل مرة كانت المشهدية التي تلعب على الغرائز، سيدة الموقف، لا تختلف كثيرًا عن تلك التي كانت تلهب حماسة جمهور صالات السينما، وهو يصفق لظهور بطله «رامبو» دون اكتراث بحجم الدم والقتل العشوائي الذي سيحدثه بعد قليل.
المثير أن حالة الاستلاب التي تحدثها هذه المشاهد بدت بلا حدود، حتى أن قناة «رؤيا» الأردنية، استثمرتها بلا تقدير لخطورتها؛ فأعدت سؤال مسابقتها اليومية لجمهورها على الشكل التالي: كم عدد القتلى من بيت السعيد في ساحة الهيبة..؟!
حتى الساعة يتفوق الأبطال على منافسيهم، ويقتلون أكثر.. لا ندري إن كانت الحلقات المقبلة ستحمل لهم عقابًا، يتحولون معه من المثال/الأسطورة بعين المشاهد.. إلى المثال/العبرة.. وحتى ذلك الوقت.. لا شيء نفعله سوى مراقبة عداد الموت وتصفيق الجمهور.