2012/07/04

بيان الفنانين المصريين.. مساندة أم تهديد؟!
بيان الفنانين المصريين.. مساندة أم تهديد؟!

خاص بوسطة – يارا صالح


يبدو أن بعض «الفنانين» المصريين لم يخرجوا بعد من عقلية "الأخ الأكبر" الذي لا ينظر إلى أخيه الصغير إلا بعين المعلم والقائد، وليس بعين الند الذي «أحترم رأيه». هذا ما يعكسه «بيان الفنانين المصريين لمساندة الثورة السورية السلمية»!!، الذي وقع عليه نحو مئة من الفنانين والسينمائيين المصريين قبل نحو يومين..

البيان، الذي يزعم في عنوانه أنه متضامن مع "الثورة السلمية في سورية"، لم يفرد أكثر من مقطع واحد للحديث عن التضامن الكامل لهؤلاء «مع حق الشعب السوري في التحرر من النظام المستبد الذي يقتل الشهداء بدم بارد ويتهمهم بالبلطجة»، فيما أفرد مقطعَين آخرين، يشكلان جلّ البيان، للتوجه إلى الفنانين السوريين برسالة تضمنت، نوعاً من التهديد لكل فنان سوري بأنه سيخسر شعبيته لأن «الشعب المصري الذي استقبلكم بالحب والود والاحترام، سيولي ظهره لكم حال مساندتكم لجلاد يقتل شعبه»!!

من يقرأ البيان يعرف أن هؤلاء «الفنانين»، الذين لم أعرف منهم أكثر من ثلاثة أسماء أو أربعة في أحسن الأحوال، لا يختلفون عن أي إنسان متواضع الأفق، يمكن أن يضلله الإعلام بخبر واحد، فالمصطلحات التي تم استخدامها كـ «نظام بشار الأسد» و«المجازر التي ترتكب في حق شعب أعزل»، هي نفسها مصطلحات الإعلام الذي يعتبره جلّ السوريين بعيداً عن الحيادية، بل ومنحازاً إلى طرف آخر غير هذا الشعب السوري الذي عبّر عن مطالبه في مسيراته المليونية أواخر آذار/ مارس الماضي.

كان الحري بهؤلاء الفنانين أن يفكروا بمنطق أوسع، فالسؤال المنطقي هنا: لماذا يتفق أغلب الفنانين السوريين في موقفهم من القيادة والأوضاع؟ أليس هذا منطقاً في الطرح.. هل من المعقول أنه لا يوجد في سورية أي فنان يرى ما يراه الموقعون على هذا البيان؟؟ أم أن ما يراه الفنان السوري الذي يعيش في داخل البلد ويلامس حقيقة ما يعيشه الشعب مختلف جداً عن ما تعكسه تلك القنوات الفضائية؟؟ والسؤال هنا برسم الفنانين الموقعين على البيان.

أما لهجة التهديد التي تضمنها البيان فهي تعكس حالة من "الوصاية" أو "الفضل" الذي يشعر به العاملون في قطاع الدراما من الأشقاء المصريين تجاه الفنانين السوريين، كون "الشعب المصري هو الذي رفع الفنان السوري إلى مصاف النجوم"، وكأن هذا الفنان كان هامشاً في عالم الفن قبل أن تنقله الدراما المصرية أو الجمهور المصري إلى متن العمل الفني، وفي هذا إجحاف كبير في حق جميع النجوم الكبار الذين عملوا في مصر، فجمال سليمان وسلاف فواخرجي وتيم حسن وغيرهم لم يكونوا مغمورين عندما قدموا أعمالاً مصرية، بل إن انتقاءهم جاء نتيجة لنجومية كبيرة منحهم إياها الجمهور السوري والعربي، وليس المصري فقط!!

المشكلة هنا تكمن في العقلية التي صِيغ فيها هذا البيان، وهي عقلية تحاول أن تفرض ما تراه على سواها، دون أن تترك مجالاً لأي رأي آخر، وهي أزمة ربما يجب على "الديمقراطية الجديدة" الوليدة بعد ثورة "25 يناير" في مصر أن تناقشها، وتحلها قبل أن تتوجه إلى الآخر بأي رأي..