2012/07/04

جولة الدنيا في قلب سعاد حسني
جولة الدنيا في قلب سعاد حسني

سعاد حسني النجمة التي لمع نجمها و باتت معروفة و مشهورة، و التي تحسدها الكثيرات و تتمنى أن يكن في مثل جمالها و خفتها و شهرتها. هذه النجمة لا تتجاوز عامها التاسع عشر شقية و تعيسة. فهي تخفي وراء بسماتها و ضحكاتها، دموعها و أحزانها. ترى لماذا؟

اقرأ ما قالته الحسناء الصغيرة لمراسل الدنيا الفني في القاهرة:

كنت أتحامل على نفسي لأكمل تصوير مشهد سينمائي مع صلاح ذوالفقار ي مطار القاهرة. و عندما عدت إلى منزلي وأغلقت الباب على نفسي و انتابتني نوبة من البكاء الحاد.

و سألتها و قد رأيت سحب الألم تغطي وجهها الجميل:

وهل هذه المرة الأولى التي تداهمك فيها مثل هذه الحالة؟

أجابت بذهول:

أبداً فكثيراً ما تنتابني مثل هذه النوبات فأبكي من قلبي، و أعيش مع دموعي دون أن يعف أو يشعر أي إنسان بما أعانيه.

ثم هزت رأسها بأسى و قالت:

لقد تعودت أن أعطي ابتسامتي لمن حولي أما دموعي فأحتفظ بها لنفسي!

قلت لها دعينا الآن من الدموع و الأحزان و حدثيني عن طفولتك.

فاعتدلت سعاد حسني في جلستها و رسمت ابتسامة حزينة على شفتيها و قالت:

لم أحلم في يوم من الأيام بأن أكون نجمة من النجوم التي يشير إليها الناس في الشارع و يتابعون أخبارها وصورها في الصحف و المجلات. كل ما كان يشغل حياتي من أحلام الطفولة هو أن أغني و أغني و اختارني (بابا شارو) لكي أقف أمام الميكروفون و عري سنتان و نصف و ما زلت أحفظ حتى الآن كلمات أول أغنية رددتها:

(أنا سعاد أخت القمر بين العباد حسني اشتهر) وأخذت أغني في كل مكان في المنزل و المدرسة و في المناسبات. وكنت أحب السينما لدرجة الجنون وأقلد جميع الممثلات. و فاتن ممثلتي المفضلة (فاتن حمامة).

فسألتها: ومن اكتشفك و كيف تم تقديمك عل الشاشة الفضية؟

فمالت يرأسها إلى الوراء و كأنها تستعيد ذكريات قريبة و قالت:

جاءتني الفرصة في سنة (1958). و كانوا يبحثون عن فتاة بسيطة طيبة لدور (نعيمة) و رآني عبد الرحمن الخميسي في حفلة عائلية فقدمني إلى بركات. و في المكتب سألني بركات عشرين سؤالاً كتبها على ورقة أمامه. فأجبت عليها بالبساطة المطلوبة. و في الحال وقع معي العقد.

و كم كان أول أجر تقاضيتيه؟

250 جنيهاً و كانت فرحتي عظيمة بحيث لم أصدق أن مثل هذا المبلغ الكبير هو ملك لي.

و ماذا اشتريت به؟

لن أكذب عليك . فأنا صريحة. لقد أعطيت نصفه لوالدتي ثم اشتريت أول حذاء بكعب عال و ذهبت به إلى السينما.

و كم يبلغ أجرك الآن ؟

ألفي جنيه.

و هل أنت سعيدة؟

كلا..

لماذا؟

فغاضت الابتسامة المرحة من وجه سعاد و اختفت وراء الظلال الحزينة و هي تقول:

إني أشعر بالشقاء. و أقسى الساعات عندي هي التي أواجهها بمفردي و خصوصاً عندما أعود في آخر الليل من الاستديو و أقف وسط الفراغ: البيت صامت و الأنوار مطفأة و أختي صباح نائمة.

قلت لها: أيكون سبب حزنك فشلك في حب ما مثلاً؟

قالت:

أبداً أبداً  فأنا لم أجرب الحب بعد.

إذاً ما هو رأيك بعبد الحليم حافظ؟

إنه أحسن مطرب يؤدي الأغاني العاطفية.

قالت ذلك و لمعت عيناها ببريق لا تخفى معانيه على أحد.

أما زلت تحبينه؟

أحبه كأخ طيب و خلوق و ليس بيننا أكثر من الزمالة.

من هو أحسن كاتب في الحب في نظرك؟

إحسان عبد القدوس.

و أحسن صوت؟

فضحكت بمرح و لم تجبني و كنت واثقاً أنها لولا التخمينات التي أرقبتها ستقول أته عبد الحليم حافظ!!

مجلة الدنيا الجديدة 11 كانون الثاني 1963