2012/07/04

  عهـد صبيـحة تناقلت وسائل الإعلام خبر اعتصام مجموعة من نجوم الفن في سورية مساء الجمعة الماضي بمقر فندق الشام بهدف مقاطعة حضور فعاليات مهرجان دمشق السينمائي السابع عشر الذي تجري فعالياته هذه الأيام... وبعدها... بدأت حملة شعواء من قبل الفنانين والمثقفين والنقاد والجمهور ضد الناقد محمد الأحمد مدير عام مؤسسة السينما. الكل غيور على هذه المؤسسة، والكل غيور على المال العام الذي صرف منه ما يزيد على مليون دولار أو أكثر كمصاريف المهرجان. الكل بدأ يتساءل وبالصوت العالي: أين هي ملايين المهرجان يا محمد؟. هذا ما سمعته عند تأخر ترجمة أحد الأفلام في إحدى صالات دار الأسد، وهذا ما سمعناه عندما توقف عرض الشريط في صالة القباني، وهذا ما نسمعه في غيرها من نشاطات المهرجان، وهذا ما يتكلم عنه المثقفون هنا وهناك جهاراً، وكلهم يدعون إلى إنهاء هذه المهزلة (مهرجان دمشق السينمائي)، حتى خِلت أن طلاب المدارس سيهتفون في النشيد الصباحي بإنهاء هذه المهزلة. إذن... بدء الهجوم من كبار نجومنا فلماذا لا تشترك جميع المؤسسات والهيئات والأفراد في هذه الحملة... انتشر الأمر كما العدوى.. بعد أن أصبح كل مثقفينا غيورين على المال العام!!! يذكرني الأمر بحكاية رواها صديق في إحدى مقالاته عن رجل كان يسير على الطريق فرأى مجموعة من الأشخاص واقفين في (طابور) فوقف وراءهم، وعندما سأل الذي أمامه بعد برهة من الزمن عن سبب وقوفه لم يعرف، وسأل الذي أمامه أيضاً لم يعرف، وهكذا حتى وصل السؤال إلى أول الواقفين الذي اتضح أنه انحنى ليثبت رباط حذائه وما أن انتهى ووقف قليلاً ليرتاح في الظل أمام باب مغلق حتى فوجئ بوجود شخص يقف خلفه ثم شخص آخر وآخر حتى تشكل الطابور..!! لنبدأ بأن محمد الأحمد ليس ملاكاً، وهو ليس كذلك، ولا أي شخص ممن يحتج هنا وهناك من أكبر النجوم إلى أصغر من مسك قلماً، وهو أنا، هو ملاك. أولاً: لم أسمع أن أحداً من هؤلاء الذين كتبوا بياناً اعتصم في مهرجانات سابقة وخصوصاً في تلك المهرجانات التي لم يكن فيها أصلاً ترجمة، وكانت المواعيد تتغير كل ساعة، وكانت الأفلام موزعة على دور سينما درجة ثالثة، وكان (ولا يزال) إنتاج المؤسسة فيلماً أو فيلمين في السنة، وكانت الكهرباء تقطع، والأجهزة قديمة، وأجهزة العرض ترفض العرض، و(بروشورات) المهرجان عبارة عن صورة (فوتوكوبي) وكان المهرجان غير دولي.... وكان.. كان..... ثانياً: تفاجئني أسماء وردت مقاطعة في البيان الشهير، لهم تاريخ من الخلافات مع المؤسسة ومنهم من رفضت أعماله لأنها سير ذاتية أو لأنها غير لائقة فكرياً، ومنهم من ثبت بحكم القانون تهربه من سداد ذمم مترتبة عليه للدولة، ومنهم من قدم أفلاماً كلفت الملايين ولم يفهم أحد منها شيئاً، ويحدثنا أولاء عن العجز والفساد الذي يصيب المؤسسة!!. ثالثاً: تحدث البيان المذكور وبالحرف: "أرواحنا عافت هذا الدجل السينمائي الذي تقيمه الإدارة الحالية لمؤسسة السينما في سوريا لتغطية العجز والخراب السينمائي". كما تحدث عن عجز وفساد وفردية وإقصاء وغياب موهبة.. بدورنا وهذا حقنا نسأل عم يتكلم هؤلاء؟. ليس موضوع الفساد كلمة يتهم بها الناس جزافاً، خصوصاً، وكما يوضح البيان بالاسم (الإدارة الحالية) أي أن المقصود هو مدير المؤسسة. وحقنا على من تكلم أن يذكر أين هي مواضع الفساد؟. الفساد موجود... وهذا صحيح وربما هو موجود في مؤسسة السينما كما في كثير من مفاصل جهازنا الحكومي.. ولكن ليس اتهام الناس جزافاً وأمام وسائل الإعلام... بشجاعة أو كلمة تذكر عبثاً بدون دلائل تدعمها. رابعاً: يتحدث المثقفون عن صناعة السينما، وكيف لبلد لا ينتج أكثر من فيلمين في العام أن يقيم مهرجاناً دولياً للسينما؟! لا أعرف ما الذي يضير مثقفينا من وجود مهرجان سينمائي يكون بوابة لسورية إلى العالم أجمع ولا أعرف من ذكر من فلاسفة السينما أن أي مهرجان يعكس صناعة سينمائية في بلد المهرجان؟... وليست المهرجانات التي تقام في دول (كمثال فقط) مثل دول الخليج العربي إلا دليلاً على عدم أهمية صناعة السينما في قيام أي مهرجان (وللتذكير فقط أن ميزانية تلك المهرجانات تفوق ميزانيات مهرجان دمشق بأضعاف). خامساً: ربما يكون محمد الأحمد قد أخطأ بعدم دعوة فلان أو فلانة من الفنانين النجوم، فقيمة المبدعين هي بدعوتهم!!!، وربما يكون أخطأ بأن سلم مقاليد تنظيم الأمور إلى أشخاص غير أكفاء... وهذا أمر يستحق الوقوف عنده والحديث عنه، لكن أسأل جميع الفنانين أليس حفل افتتاح مهرجان أو مؤتمر هو عبارة عن بروتوكولات وشكليات للواجب وإلقاء الكلمات والمجاملات أنتم أكبر منها... أوليس تكريم فنانة تجربتها ليست طويلة في السينما (بفرض أن تجربة السينما في سورية طويلة) بأمر يستحق التحية بدل اللوم.. لا أعتقد أن ميزانية مليون أو مليوني دولار تكفي لتكريم جميع فنانينا... ورحم الله أم كلثوم حين غنت (حيرت قلبي معاك)، وفهمكم كفاية. سادساً: كنت أتمنى أن يكون أي اعتصام غيرة على أية مؤسسة من مؤسسات الدولة... وليس تصفية لحسابات شخصية. هنالك عجز يراه الجميع، ربما يكون حقيقياً والأمر يحتاج إلى تشريح ومنهجية في النقد. رأيي يحتمل الصواب والخطأ، كما هو رأي فنانينا النجوم، كما هو رأي مدير عام مؤسسة السينما... وعذراً...