2012/07/04

  سعيد محمود (حب، فقر، غناء، بطولة، انتقام...)، كلمات قليلة بإمكانها تلخيص معظم نتاج بوليوود، أو مدينة صناعة السينما الهندية بحسب أميتاب باتشان عملاق السينما الهندية الذي يكره تسمية بوليوود لأنها استنساخ من هوليوود. وفي حال أردنا تلخيص موضوعات النتاج الدرامي لدول وثقافات أخرى باستخدام بعض الكلمات، سنجد: - الدراما الأمريكية: البطل الخارق، إنقاذ البشرية، المخلوقات الفضائية... - الدراما الفرنسية: الحياة اليومية، الواقعية، المشاكل الاجتماعية... - الدراما المصرية: ازدحام، أزمة سكن، مخدرات... وللاستمرار في هذه اللعبة، دعونا ننتقل إلى المرحلة الأصعب، ألا وهي تلخيص الدراما السورية بكلمات قليلة. أنا استسلمت! وأعتقد أنه يصعب على الجميع تلخيص الدراما السورية بكلمات قليلة، لكن ما السبب؟ هل يعود الأمر إلى كون (درامانا) بلا هوية أم أن السبب يكمن في تنوعها الكبير؟ للإجابة على هذه التساؤلات، يجب التفكير في عاملين أساسيين، الأول هو عامل الزمن الذي يكرس الدراما في الأذهان ويمنحها هويتها عبر التاريخ، فالسينما المصرية على سبيل المثال، هي الأقوى والأكثر انتشاراً في العالم العربي، وهذا أمر بديهي، لأن المصريين بدؤوا إنتاجهم السينمائي منذ أكثر من مائة سنة، بينما دخلت بعض الدول العربية مجال السينما قبل عام أو عامين، وهنالك دول عربية لم تقترب من السينما بعد، لذلك كان من الطبيعي أن تتابع جميع هذه الدول الأفلام المصرية بسبب عدم وجود البديل لديها. العامل الثاني، لا يقل أهمية عن عامل الزمن في تكريس الدراما ومنحها هويتها، ألا وهو الخصوصية والتفرد. وبعودة سريعة إلى أميتاب باتشان، نجد إصرار هذا الفنان على خصوصية الدراما النابعة من ثقافة بلاده ووضعها الاجتماعي والديني الخاص، ورفضه الشديد للتشبه بالسينما الأمريكية أو غيرها، مع قبوله بتكرار نفس الأفكار والحالات (الكليشيه) في المئات من الأفلام التي قام ببطولتها وإنتاجها ضمن شرط الهوية الوطنية الطاغية على النتاج الدرامي. يبدو هذا التوجه (الباتشاني) حقاً فنياً ووطنياً مشروعاً لأي ثقافة ولأي دراما على سطح الكوكب، فالأمريكيون لم يثبتوا أنفسهم عن عبث، بل جاء الأمر نتيجة رحلة طويلة من العمل الفني ومن تكريس الأيقونات وإعادة إنتاج الروائع للتأكيد على الخصوصية واستغلال النجاح عشرات المرات بمعالجات درامية جديدة في كل مرة، وهو ما بدأته الدراما السورية مؤخراً من خلال إعادة إنتاج مسلسل (أسعد الوراق) الذي يعتبر واحداً من أهم الأعمال الناجحة في تاريخ الدراما السورية ومن بطولة الراحل هاني الروماني والكبيرة منى واصف التي لا تزال صرختها في هذا المسلسل مدوية حتى الآن! (أسعد الوراق) بنسخته الجديدة، خطوة في سبيل إحياء الروائع وتكريس هوية الدراما السورية على يد شركة عاج ومديرها الدرامي الأستاذ مروان ناصح ذي الرؤيا المستقبلية وصاحب الخبرة في مجال العمل المؤسساتي بنتائج بعيدة الأمد. خطوة نتمنى أن تستمر، وأن تقوم بمثلها الشركات والمؤسسات الأخرى للتأكيد على هوية الدراما السورية وخصوصيتها وتفردها، فإن تم ذلك، ما علينا إلا القلق بشأن عامل الزمن.. أي الانتظار.       [email protected]   مرحبا هي فسحة لمقالات ضيوف البوسطة.. نقدم فيها مقالات جادة تشكل بنية لحوار طموح في شؤون الفن في سورية والعالم العربي.. ويدفعنا الأمل بمشاركة كل كتابنا الغيورين على الفن الجميل. ملاحظة: لا تعبر آراء الكتاب بالضرورة عن رأي الموقع.