2013/05/29

ديـانـا فارس: جذب الأهـل في أفلام الكرتـــون.. مطلوب
ديـانـا فارس: جذب الأهـل في أفلام الكرتـــون.. مطلوب


لبنى شاكر – تشرين


كتبت ديانا فارس للتلفزيون فأبدعت، وكان لها مسلسلات (قلب دافئ، امرأة في الظل، خبز وملح الذي حاز على الجائزة الذهبية لأفضل إنتاج في دورة تكريم الأعمال الدرامية في سورية،

إضافة إلى برنامج درامي بعنوان (ثغرات)، وسهرة تلفزيونية (شغف) 2007، والفيلم التلفزيوني (لكل ليلاه) 2009).  كما أخرجت عدة أغان مصورة وفواصل وأفلاماً إعلانية ودرامية قصيرة مثل أغنية (يا غالي) لميادة بسيليس، وأغنية (يسعد صباحك) عن أطفال الانتفاضة، وغيرها.  .. إلا أن ذلك الإبداع لم يتوقف، فكان حضورها الجميل في عالم الأطفال عبر فيلم كرتون طويل بعنوان (خيط الحياة)، الذي حاز على جائزتين الذهبية في مهرجان القاهرة الدولي للأطفال، والثانية جائزة التحكيم الدولية في عام 2007، وجائزة الإبداع الذهبية لأفضل سيناريو في مهرجان القاهرة للإعلام العربي الثالث عشر 2007، كما شارك في مهرجان لندن السينمائي، ثم كانت تجربتها الثانية في فيلم طيور الياسمين. ... عن تجربتها في الكتابة للأطفال تحدثت ديانا فارس لتشرين في هذا الحوار:

حين تتعدد التجارب في الكتابة، إلى أي درجة يستطيع الكاتب أن يغوص في مجالات متنوعة، ويكون ناجحا في ملامسة تفاصيل وخصوصية ما يكتب عنه؟


تجيب فارس: «لا أظن أن الكاتب يمكن أن يبقى منتمياً لنوع خاص أو محدد من الكتابة فالإبداع له عالم واسع وغير محدود، وكلما استطاع الكاتب الخوض فيه في حال كانت لديه الموهبة والصبر اكتشف المزيد من المتعة والخصوصية، ولهذا أرى أن التنوع في مجالات مختلفة يحكم الكاتب بالمقدرة على البحث والمثابرة والاجتهاد والإلمام بكل تفاصيل الفكرة أو الموضوع الذي سيكتب عنه حتى يتمكن من خلق مادته وتقديمها بشكل مقنع ولافت للناس».


لكن ما الذي يميز الكتابة للأطفال؟

تقول فارس «الصعوبة في اختيار ما سيقدم لهم والحساسية الشديدة للأفكار المطروحة التي ستؤثر بعوالمهم المرهفة والنظيفة جداً، إضافة لحس الفكاهة والتشويق الذي يجب أن يتوافر لجذبهم والرؤية البصرية المتقنة جداً التي ستمنحهم متعة الفرجة التي يرغبونها من ألوان وكاركترات لشخصيات قريبة لهم وخلفيات جميلة ساحرة، وكذلك الموسيقا الحلوة والأغاني والأصوات القريبة لخيالهم».

تضيف فارس: إن الكتابة للأطفال تطلبت منها الكثير من الوقت والبحث العلمي والاجتماعي إضافة للخوض في مجال عالم الكرتون وكيفية تنفيذه والبرامج المتطورة التي تتجدد من عام لآخر. فقبل البدء بأي عمل كرتون من عام لآخر تقوم بما تسميه «تنزيل جديد لمعلوماتها» حول هذا الفن الخاص، وما هي آخر التطورات التي تحدث فيه من أجل أن تبدأ بالكتابة، وهي ملمة بكل شيء قدر الإمكان، وحتى لا تطرح فكرة قديمة وبعيدة عن عوالم طفلنا الحديث الذي أصبح عبقرياً جداً في مجال الكومبيوتر والموبايل والنت والتطور البصري الكبير والسريع في المحطات الفضائية.

وهي ترى مثلاً أن قصة الأميرة الصغيرة والأقزام السبعة وقصة سندريلا وغيرها من قصص التراث العالمي والعربي لم تعد تغري ذاك الطفل إلا إذا تغيرت نمطية الفكرة وطبيعة الشخصيات وجرأتها، فسندريلا 2013 لا يمكن أن تجلس في البيت بل يجب أن يتغير لباسها ونمط تفكيرها لتصبح ذكية جداً ومغامرة جداً في البحث عن الأمير، وتشاركها مخلوقات أخرى من عوالم مختلفة، وكذلك سنووايت يجب ألا تأكل التفاحة المسمومة بهذه البساطة والسذاجة، وعلى زوجة أبيها أن تصبح أشد خبثاً منها كي تتجنب انتقام سنووايت والأقزام منها.

في هذين المثالين توضح فارس كم على الكاتب أن يطرح فكرته للأطفال بطرق مختلفة غير مطروقة، حيث يضع في هدفه جذب أهالي الأطفال وإشراكهم أيضاً ليكونوا معنيين بالمشاهدة والاستمتاع مع أطفالهم فمن المعروف أن الطفل يسعد كثيراً حين يشاركه أبواه في الفرجة على الأعمال الموجهة إليه.


«خيط الحياة» أول فيلم روائي طويل كرتوني في سورية، كيف تقيمين هذه التجربة الأولى لك في الكتابة للأطفال؟

تقول فارس«خيط الحياة .. من أحب الأعمال التي كتبتها لقلبي وهو يعني لي الكثير فكلما رأيته عدت إلى طفولتي، وتجدد حافز لخيال لدي فرسالته كانت بالنسبة لي تدعو للعمل والمثابرة، وتحفيز الطفل على الخوض في تجاربه حتى النهاية والتعلم منها، وفيها رسالة لأن يحيا الأطفال واليافعون عمرهم يوماً بيوم لأن أيام الطفولة تمر من دون أن تعود.. أما أيام الشباب والكهولة فهي تمتد وليست فيها متعة الحياة والبراءة التي يعيشها كل منا وهو طفل أو طفلة».

تشير فارس إلى أن الفيلم يتضمن دعوة إلى طلب العلم والمعرفة لأنهما يرسمان طريقاً ناجحاً للإنسان ويحولان مصيره إلى الأفضل أما بالنسبة للغة الحوار في الفيلم فقد كانت متمسكة جداً بأن تكون لغة عربية فصيحة مخففة أي قريبة من اللغة المحكية بوقع الألفاظ على مسامع الطفل، وهذا ما جعل الأطفال يقبلون على الفيلم كما أن أطفال مصر وتونس الذين شاهدوا الفيلم عبروا أثناء المشاهدة عن مشاعرهم وتلقت ردود أفعالهم مباشرة في صالة العرض، وكان هذا من أجمل الأحاسيس التي عاشتها في مهنتها بالكتابة في هذا المجال كما تقول.

ثم كان «طيور الياسمين»، وهو فيلم كرتون مأخوذ عن سيناريو فيلم كرتون سينمائي لفارس بعنوان رحلة اليمام الماسي، وتم الاتفاق على تنفيذه بين المؤسسة العامة للسينما وشركة تايغر برودكشن، وكتبت السيناريو له مخرجة الشركة السيدة سلاف حجازي، وشاركت فيه بعدة مهرجانات عربية ودولية، ونال جوائز عدة.

عن تجربتها الثانية في سيناريو الأطفال، تقول فارس «سيناريو فيلم» رحلة اليمام الماسي «أخذ بيدي وذهبنا إلى عالم الطيور الساحر حيث جعلني أبحث في تصرفات الطيور وأنواعها وحركاتها وطرق معيشتها وتبدلاتها وأسباب هجرتها، وما يمكن أن يصادفها من عقبات، وانطلقت من فكرة مرض أنفلونزا الطيور، وكانت أجواء العمل التي خلقتها هي رحلة طيور اليمام من اندونيسيا ثم الهند والصين ثم مصر ولبنان وأخيراً في سورية حيث يجدون الدواء الشافي في أعشاش الطيور الشامية في الجامع الأموي ويكتشف الطائر غيث بطل الفيلم ما هي حكمة حديث الرسول عليه الصلاة والسلام من «أن يموت المرء تاركاً خلفه عمله الصالح أو علماً ينتفع به وولداً صالحاً يدعو له».

حاولت فارس أن يكون السيناريو قريباً من تراثنا وأفكارنا الدينية الإسلامية، وأن يتوافر فيه التنوع البيئي والبصري من خلال هجرة سرب اليمام إلى بلدان متنوعة مع توافر الأحداث الكوميدية والأغاني الخاصة بكل بلد.


مؤسسة السينما.. الجهة الأشد حماساً لانتاج فيلمي كرتون طويلين

لكن ما الذي يميز أفلام الكرتون عن تلك التي تؤديها شخصيات حية، وهل لذلك أثر على الأطفال برأيك؟


تجيب فارس «برأيي هناك اختلاف في نمط الكتابة ومن ثم طريقة التنفيذ فعالم الكرتون له خصوصية في جذب الأطفال بسبب أنه يتعرف على شخصيات غير واقعية وخيالية أولاً، ويتوافر فيها عنصر المبالغة الشديد في الأحداث والحركات والأصوات وهو عنصر يعشقه الطفل كثيراً فعندما نغير طبقة صوتنا مع أي طفل ونبدل فيه نرى الطفل يضحك وينجذب لنا أو يخافنا ويستغرب ما نفعله، إذاً الطفل لا يحب النمطية والاعتيادية وأعمال الأطفال التي تعتمد على التمثيل مهما حاول الممثلون المبالغة فيها إذ يبقى أمر الأداء محدوداً بقدراتهم البشرية، لكن ما يمكن أن يجذب الطفل للأعمال الحية هو توفر عنصر الخدع البصرية وحضورها بكثافة بأعلى مستويات تقنية في مجال الكومبيوتر ومثال ذلك سلسلة أفلام هاري بوتر المعروفة وهي مكلفة للغاية وقد شاهدت عدة أجزاء منها، وأدهشتني قدرات تنفيذها لكن بالوقت نفسه أثرت بي الأفكار السيئة التي تم تضمينها في العمل وطرحها ببساطة في الأفكار، ومنها فكرة أن الأشرار يعتمدون على الدم كي يزيدوا من قوتهم واعتبار ذلك حقيقة لها فائدة تظهر على هؤلاء الأشرار، ويحاول بطل السلسلة أن يحاربها ليتجنبها وينتصر عليها لا لينفيها أو يلغيها. ومع ذلك لن أنكر بأني كنت مأسورة بالتقدم التقني والبصري الهائل المستخدم في العمل وتمنيت لو ينفذ لي عمل كما في تلك السلسلة العالمية».

تشاركنا فارس الرأي بقلة الكتّاب للأطفال، وترى أن ذلك يرتبط بصعوبة نمط الكتابة وعدم الاعتراف بجهود الكتّاب الذين يمكن أن يدخلوا في هذا المجال حيث ما زالت الأجور المادية قليلة والتقدير المعنوي الذي يبذله الكاتب غير مشروع أو متوفر فمثلاً كتّاب الأطفال الأجانب يحق لهم نسبة من أعمالهم مادامت تعرض ولمدى الحياة، وهناك عقود قانونية موثقة وثابتة لضمان حقوق الجهات المنفذة والكتاب والممثلين، أما نحن فإلى الآن لا نعترف بتلك الحقوق أضف لذلك قلة الجهات التي تقدم على إنتاج أعمال الأطفال حيث تعد بالنسبة لها مجازفة كبيرة وأعمال الدوبلاج أربح لها بكثير من انتاج عمل محلي للطفل السوري.

كما أن أغلب الجهات التي قامت بإنتاج أعمال الأطفال في بلدنا كانت مجرد منتجة تنفيذية لمحطات عربية أي أنها لم تدخل في مجال طرح أعمال أطفال سورية خاصة كما فعلت الدراما السورية الموجهة للكبار.

مضيفة أن المؤسسة العامة للسينما رغم الظروف الإنتاجية التي تحكمها لم تكن مطالبة أو مسؤولة عن إنتاج أعمال كرتون خاصة بالأطفال، ولكنها استطاعت أن تكون الجهة الأشد حماساً لإنتاج فيلمي كرتون طويلين، واختارت تنفيذ العمليات الفنية في إحدى الشركات المعروفة والمهمة في مجال تنفيذ الكرتون ومشاركة الإنتاج معها، ولهذا سيكون من الإجحاف بحق إلقاء اللوم على مؤسسة السينما بقلة إنتاجها السينمائي الخاص بالأطفال، وعلى العكس فجهودها تستحق كل التقدير لذلك لكن اللوم يقع على الجهات المعنية بتلك النوعية من الانتاجات، والتي كان لديها الميزانيات المقبولة والمخصصة لذلك.

ومن ناحية تطوير الإنتاج السينمائي لأعمال الأطفال ترى فارس أن الحالة يمكن أن تتطور كثيراً بتشجيع القطاع الخاص بالمشاركة وتقديم التسهيلات له، وتخصيص ميزانية خاصة للمؤسسة العامة للسينما لرفد الحركة الإنتاجية الخاصة بأعمال الأطفال، والعمل على إطلاق مهرجان دمشق السينمائي لأعمال الأطفال أسوة ببقية الدول العربية والأجنبية. وأيضاً تأسيس مديرية خاصة بصناعة الكرتون وإنتاج أفلام الأطفال تتبع لمؤسسة السينما، وتوفير الكوادر والتجهيزات المطلوبة لها.