2012/07/04

في سورية... مسرح يثير الشفقة!
في سورية... مسرح يثير الشفقة!

بوسطة – عمر الشيخ لقد تحول المسرح السوري اليوم إلى صالة مناسبات تقام فيه المهرجانات الخطابية، والحفلات التكريمية، وأمسيات الشعر والقصة والندوات النقدية ومهرجانات السينما وغيرها.. كل شيء يقام فيها باستثناء عروض المسرح! وبات بالإمكان تلمس ملامح المشهد المسرحي السوري خلال الفترة الماضية على الأقل، حيث غطى مهرجان الشام المسرحي جزءاً بسيطاً من العطب الذي أصاب الكاتب المسرحي والمتلقي والقائمين على الشأن الثقافي من الجهات الرسمية، ولكن تلك التغطية لم تتجاوز السبعة أيام متضمنة أعمالاً مسرحية حفظها الجمهور غيباً! لقد لعب القرار الإداري الفردي، عند انعطافة المشهد المسرحي الراهنة، دوراً رئيسياً في دحر الخبرات المسرحية والثقافية عن المشهد ككل، وتصرف بعقلية الموظف فوق موهبة المبدع. ووفقاً لتلك المعطيات المغلقة، تحول المسرح إلى مشهد خاو، وعنصر إبداع مؤجل، مصيره على كف عفريت! إلا إذا قدم أحد نجوم الدراما السورية عملاً مسرحياً ما بالاشتراك مع أحدهم، تقوم الجماهير, عندها, بالتدافع إلى مقاعد الصالات، ظناً منها أن ثمة ما يستحق المشاهدة، ولكن للأسف حتى الحداثة المبتذلة أصبح بإمكانها أن تنال من هيبة المسرح. إذا استثنينا بعض المحافظات التي تقيم مهرجانات شبابية وطلابية للناشئين وغيرهم.. ربما لا يحضرها إلا أصحابها، فسنواجه العاصمة دمشق بأسئلة كبرى عن غياب دور المسرح في المشهد الثقافي، وغياب انتشار المسرحيات المكتوبة عن سوق الكتب عموماً، ليتحول المشهد برمته إلى غمامة رمادية تعيق نمو الحراك الثقافي، رغم توفر تمويل مادي كبير في مديرية المسارح في وزارة الثقافة، ووجود كُتاب مسرح من الصف الأول، وصالات عرض مسرحية من نجمة إلى خمس نجوم..! ولكن هذه الحالة تثير الشفقة بالمقارنة مع ما أورثنا إياه أبو خليل القباني، الذي جاءت التكنولوجيا بعده بنصف قرن، وتعلمت من إبداعه كيف يصبح المسرح حياة ثانية تنضح بالأحلام والأمنيات. نحن أمام تحولات كبرى، ربما تؤدي إلى انقراض فنون، ونشوء أخرى عوضاً عنها. المشكلة في المسرح أنه لم يعد في واجهة التغيير، المسرح الآن أمام انعطافات؛ إمّا أن تدخل إليه فنون جديدة، وأن تختلف هويته بشكل جذري، أو أن ينقرض لأن القائمين على الشأن المسرحي لا يزالون يتعاملون مع المسرح والجمهور بعقلية الستينيات، متجاوزين عبر ذلك الإمكانيات البصرية التي قامت مكان المشهد المسرحي الكلاسيكي. وعليه فإن الإنسان (غير الحديث) سينتج بالمحصلة فناً غير حديث. المسرح يتغير في كل أنحاء العالم، وتضاف إليه فنون متعددة تعكس روح العصر وأزماته.. لكن المسرح بالنسبة إلينا مازال يراوح في مكانه ويناقش أزمات أو اختناقات تجاوزها العالم بكثير!.