2012/07/04

قراءة في شخصية المذيع السوري..
قراءة في شخصية المذيع السوري..

سامر محمد إسماعيل

رغم الثورة التي أحدثتها الثورة التكنولوجية في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، إلا أن المذيع السوري بقي محطاً لملاحظاتٍ كثيرة، أهمها تلك النبرة الخطيرة التي لم يتخلص منها منذ أفول زمن الانقلابات العسكرية في سورية، وثانيها هي التأتأة التي أصبحت سمة من سمات الفصاحة عند مذيعينا و"مذيعاتنا المكارم"، وثالثها وهي الأخطر على الإطلاق هي تنقلهم الحر بين كل البرامج، فالمذيع الذي تراه في فترات الأخبار تعود وتراه في برامج المنوعات على ندرتها في تلفزيوننا الحبيب، والمذيعة التي تشاهدها على نار الأخبار العاجلة وبرامج أقوال الصحف و أضواء على الأحداث تعود وتبهرنا ببرامج اقتصادية واجتماعية وحتى ثقافية وتنموية إذا أحببت، هذا ما يمكن ملاحظته في الفترة الصباحية التي تبثها الفضائية السورية بعنوان"صباح الورد" حيث تنفرد مذيعات هذه الفترة بموسوعية نادرة ليناقشن على الهواء مباشرةً دفعةً واحدة مخرجاً مسرحياً وبعدها خبيراً بالاقتصاد وبعدها معالجاً نفسياً، ويتلوه محاضراً في الصحة الغذائية واليوغا، ليتفرغن بعدها لمحاورة أهل الأدب والشعر والفن.. وفي هذا كله سترى عجب العجاب من الأسئلة الساذجة والسطحية، على نحو: بداياتك، آخر أعمالك وما بينهما من الغث والثمين من الأسئلة التي تربك الضيف وتفقده صوابه لينتهي الاستجواب بمقاطعة الضيف بسبب ضيق الوقت. وعلى شهرة المذيع السوري في إذاعته الرائدة صوت دمشق، ونجاح أسماء كبيرة في العمل الإعلامي العربي من مقدمي البرامج السوريين، إلا أننا أصبحنا اليوم أمام نسخة غريبة عجيبة من التشابه في المذيعين السوريين الجدد الذين يعانون حتى اليوم من فقدان النكهة والرائحة واللون؛ أي أن أصواتهم غير جذابة على الإطلاق وتفتقد إلى أقل السمات التي تميز المذيع التلفزيوني، وأهم هذه السمات برأيي هي الصوت الذي يعتبر الشخصية الأولى لمقدم البرامج، إذ يظن البعض من هؤلاء أن الحكاية هي في الحفاظ قدر المستطاع على تجهم الوجه وتعقيمه من الملامح الإنسانية والحفاظ على طبقة صوت واحدة لنغمة تتكرر كبيانات عسكرية ميدانية، وللأسف الشديد أن شخصية المذيع السوري ظلت على  خشبيتها المملة والمضجرة، وباتت عنواناً للإعلام الرسمي الذي يرفع عالياً في كل مكان من العالم وليس في سورية فحسب أن الإعلام صوت (كلب) سيده، و حتى الإعلام الخاص يرفع هذه المقولة لكن من غير تلك القتامة الغريبة على ملامح الوجه، فمن الشروط الرئيسة في دنيا فنون الإعلام المرئي والمسموع هي الحميمية التي تضفيها شخصية المذيع على جدول الساعات الساخنة في المحطة، بل هناك الكثير من مقدمي البرامج أسسوا لشخصية قنواتهم التلفزيونية. إن برامج كالتي كان يقدمها كل من صباح قباني ونزار شرابي وخلدون وياسر المالح ومروان صواف وإبراهيم ياخور وتوفيق حلاق وغيرهم كانت عنواناً للبرنامج الإعلامي السوري الذي كان رائداً في إبداع المنوعات العربية، لكن اليوم وبعد بزوغ البث الفضائي لم نجد فسحةً لنا على مساحة القمر العربي، وذلك مرده أولاً وقبل ضعف التمويل وضيق الهامش أننا ودعنا وللأبد صوتنا السوري الأخاذ بغلبة التقريرية الهادرة حتى على نشرات الطقس الغائمة جزئياً.