2013/05/29

سلافة المعمار.. جلد الذات على شاشة (الحياة)!
سلافة المعمار.. جلد الذات على شاشة (الحياة)!


جوان جان – تشرين

لا شك في أن كل إنسان طبيعي يشعر بسعادة غامرة وهو يتابع رموز الأدب والفن في بلده وهم يجتاحون وسائل الإعلام خارج حدود البلد الذي ينتمي إليه،

سواء من خلال أعمالهم الإبداعية أو من خلال استضافتهم من قِبل وسائل الإعلام عبر لقاءات وحوارات تعكس مدى ثقافتهم وقدرتهم على تمثيل الحركة الإبداعية في بلدهم. وبما أن الدراما التلفزيونية هي الواجهة الأبرز حالياً في نقل الحركة الإبداعية في سورية فقد كان من الطبيعي أن يتم التركيز عليها من قبل وسائل الإعلام العربية، وفي المقدمة منها الفضائيات التي شغلت وتشغل الدراما السورية حيزاً مهماً من وقتها واهتماماتها وهو ما يعكسه ذاك التلقّف والترحيب اللذان يلاقيهما العمل الدرامي السوري في كل مكان يحلّ فيه. وفي ضوء كون الفنان السوري هو الوسيط الأساس في نقل التجربة السورية الدرامية ومدى ما وصلت إليه من تطور فقد احتفت الفضائيات العربية بالفنان السوري واستضافته في برامجها معزَّزاً مكرَّماً باعتباره يمثّل واحداً من أبرز المعاقل الدرامية في الوطن العربي منذ ستينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا. وفي إطار هذا الاهتمام اللامحدود من قبل الفضائيات العربية بالدراما السورية ورموزها حلّت مؤخراً الفنانة السورية المتألقة دائماً سلافة المعمار ضيفة على برنامج بعنوان «أنا والعسل» على شاشة فضائية «الحياة» المصرية، وفيه تحدثت المعمار عن تجربتها الفنية والحياتية بكثير من الرقيّ والشفافية.

ولأن: «لكل شيء إذا ما تم نقصان» فقد أبت الفنانة سلافة المعمار إلا أن تقع في المطبّ نفسه الذي على الأغلب يقع فيه الفنانون السوريون في وسائل الإعلام العربية عندما يتحدثون بكثير من القسوة وإن عبر كلمات قليلة عن الدراما السورية، متناسين أن انتقادهم لدراما بلدهم في وسائل الإعلام العربية لن يؤدي إلا إلى تراجع أسهمهم كفنانين سوريين في البلاد التي تستضيفهم شاشاتها وأعمالها الدرامية.

سلافة المعمار لم تكن موفّقة أبداً حينما كررت في البرنامج المذكور وأكثر من مرة بأن مخرجي وفناني سورية يصنعون شيئاً من لا شيء.. فإذا كانت فنانتنا المتألقة تعتقد بأن أكثر من خمسين عاماً من الإنتاج الدرامي الذي قدم روائع فنية تعد أيقونات في الحركة الدرامية العربية هي بمنزلة لا شيء فهذه كارثة حقيقية لأن فنانتنا تدرك ولا شكّ في أنها وزملاءها وزميلاتها إنما يستندون إلى إرث لا يضاهى من الأعمال الدرامية مهّد لما هم عليه اليوم من تألّق وهو ليس «لا شيئاً» بكل تأكيد. وفي مجرى الحديث نفسه تحدثت المعمار عن انتفاء بنية تحتية تعمل بموجبها الدراما السورية، فإذا كان القصد من ذلك بنية تحتية مشابهة لما هو قائم في هوليوود مثلاً، فنحن سنؤيد كلامها بالمطلق، أما إذا كان المقصود عدم وجود بنية تحتية للدراما السورية بغضِّ النظر عن أي مقارنات ففي إمكاننا أن نحيل فنانتنا إلى ما قاله فنان مصري كبير مشيداً بديناميكية الحركة الإنتاجية في سورية بعد أن عمل في أحد مسلسلاتها عندما قال: «إن طلب استخدام دبابة في مشهد من مسلسل في سورية أسهل من طلب كأس من الماء في مسلسل يُنتَج في مصر» فإذا كانت البنية التحتية غير متوافرة في الدراما السورية فما الذي يدفع العديد من الفنانين العرب للالتحاق سنوياً بركب الدراما السورية على الرغم مما يقال عن ضعف المردود المادي من العمل في هذه الدراما؟

في الوقت الذي تواجه فيه الدراما السورية تحديات مصيرية ولاسيما فيما يتعلق بما يشاع عن توجهات لمقاطعتها عربياً فإننا نتوقع من الفنانين السوريين أن تشكل مواقفهم الترس الذي يصدون به كل استهداف لدراماهم لا أن تكون أياديهم سبّاقة إلى طعنها في الظهر.

سلافة المعمار ليست الفنانة السورية الأولى ولن تكون الأخيرة ضمن سلسلة فنانينا الذين يستهويهم جلد الذات على مرأى من (إخواننا) العرب وفي وسائل إعلامهم من دون أن يدركوا أنهم يبخسون أنفسهم حقها وقيمتها قبل أن يسيئوا إلى الدراما السورية، فكم من عين هناك وفي أي بلد حلّوا فيه ستنظر إليهم باستصغار وهم يتحدثون عن دراما بلدهم بهذا الشكل، لا لشيء إلا لانهم يشكّلون جزءاً من هذه الدراما، فإن رفعوها ارتفعوا معها، وإن حطّوا من قدرها حطّوا من قدر أنفسهم.

المفارقة هنا هي أن جميع الإعلاميين العرب الذين صُعِقوا بالفنانين السوريين وهم ينالون من دراما بلدهم كانوا يبادرون إلى الدفاع عن هذه الدراما ويوردون الأمثلة تلو الأمثلة التي تدحض ما يذهب إليه بعض الفنانين السوريين من انتقاد لاذع لدراما بلدهم، وهو انتقاد ندر أن ينزلق إليه فنان عربي على أي شاشة غير شاشات بلده. لقد كنا ولا نزال من أكثر الداعين إلى مناقشة كل مشكلات وقضايا وهموم الدراما السورية في وسائل إعلامنا وشاشاتنا لأنها المكان المجدي لتوجيه كل ما يخطر على بالنا من نقد لهذه الدراما.. نقد لا يعترف لا بالتحفّظات ولا بالخطوط مهما كان لونها ونوعها، أما أن نوجّه السهام إلى ظهورنا من خلال الشاشات العربية التي تحترم فننا وتقدّر فنانينا، فهذا أمر آخر وبحاجة إلى إعادة نظر جذرية من قبل العديد من فنانينا.